منتديات الأجيال التعليمية


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الأجيال التعليمية
منتديات الأجيال التعليمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عجبا يا أمي

اذهب الى الأسفل

عجبا يا أمي Empty عجبا يا أمي

مُساهمة من طرف ماما هنا الإثنين 24 سبتمبر 2012, 8:45 pm


عجبا يا أمي

شـــــــــــريفة
الغامدي


الجزء
الأول


عجبا يا أمي 615703

أتذكرين حين قلتِ لي: "ليس العلم بالكلام وإنَّما بالممارسة
والتعلم"؟


لم أنْس كلماتك يومًا يا
أمي.


تعلَّمت الكثير مُذ فطمْتِني وحتَّى الآن، ومازلت يا أمّي
أتعلَّم.


وأوَّل ما تعلمْتُه هو أنَّك القلب الوحيد الآمِن الَّذي لا
تغيِّرُه الحياة.


وأنَّ الحياة دائرة يا أمّي لا تقِف عن الدَّوران،
تَحمِلُنا في كلّ اتِّجاه، وتُلْقِي بنا في كلِّ
ناحية.


هنا دوحٌ مثمِر وروْض مزْهر، وهناك بيت مقْفِر وجوارَه زورق
مبحر، و.... وهكذا ..


ليل أدهم يا أمّي وصبح مسفر.

علمت لماذا كنتِ تَمنعينَنا من الابتِعاد عنْك، وتصرِّين أن
نتشبَّث بتلابيبِك عندما نسير في الطرق، خشيتِ أن نرَى في الحياة ما
رأيتِ، أردتِ أن تُغْلِقي أعيُنَنا عنْه فلا
نراه.


ولكنَّه مَحتوم يا أمّي، ولا بدَّ أن يحصل، ولا ينفع منه
الحذَر، أرأيت يا أمّي حذرًا يرُدُّ
القدر؟


عجبًا يا أمّي ما رأيناه في
الحياة!


أناس يتلاشَون كالضَّباب إذا بعثرتْه أنامل الشَّمس، فقط
عند احتياجِك لهم، يفرُّون فرارهم من المجذوم، يخشَون منه العدوى،
فعلمت مقصدَ القائل: "مَا أَكْثَرَ الإِخْوَانَ حينَ تعُدُّهم!"،
وعذرتُه يا أمي؛ فقد تلاشَوا حقًّا في
النَّائبات.


رأيتُ يا أمِّي مَن لا يَمنعُه الحياءُ مِن إغلاق بابِه في
وجهِك إن قُدِر عليك رزقك.


وقد كانوا في سَعة العيش كالذباب على الحلوى، وتساءلت: هل
يأمنون على أنفسهم البلوى؟!


عرفت - يا أمي - أنَّ الحِلم بالتحلُّم، وتذكَّرت قولَك:
"هوّنها وتهون"، علمتُ أنَّ كلَّ ما في الحياة يهون إذا هان في
أعيُننا، وكلّ عظيم لا يعظُم إلاَّ بإحساسنا
نَحن.


علمتُ أنَّ عظامَ الأمور تذوبُ في أبسط التفاهات، وأنَّ ما
يكون أوَّل المبادئ اليوم يُمكن أن يَكون أدْنى السَّخافات
غدًا.


علمتُ أنَّ القوَّة أمرٌ في القلوب نَختارُه بإرادتِنا إذا
قرَّرنا فقط التَّخلِّي عن ضعْفِنا، وأنَّه لا يَمنعُنا من القوَّة
إلاَّ الخوف والجبن، علِمت أنِّي متى تخلَّيت عنْهما واتتْني
القوَّة.


ثمَّ وجدت أنَّه لا أمان من الخوْف ولا مهرب إلاَّ بالقرب
من مصْدر القوَّة، ولم أجد - يا أمّي - أقوى من العزيز الجبَّار ذي
القوَّة، فسلكتُ الطريق لأقِف ببابه وألتزم أعتابَه، فوجدتُه - يا أمي
- حُفَّ بالمكاره، ولكن له لذَّة تُجبرنا على الاستمرار فيه رغْم
الفتن.


فعلمتُ - يا أمي - أنه: "خيرٌ لنفسي
عِصْيانُها".


علمتُ أنَّ الأمور لا تكون دائمًا في حقائقها كما تبدو في
الظَّاهر، وما كلُّ ما يلمع ذهبًا؛ بل وجدت مَن تلمع ظواهرُهم وتنطوي
سرائرُهم على قلوب كالفحم في سوادها، متى لامسْناها تفحَّمت أيدينا
بحمَمِها التي تلطِّخ بياض الرُّوح، وينكت فيها نكتة سوداء لا
تزول.


عجبتُ لوجوهٍ - يا أمي - تبتسم وقد خُلعت عنها الفضيلة،
واعتلَتْها الرَّذيلة، فلم تُبالِ بسوادها بعد ابيِضاض، ولم تأْس على
ما فاتَها من شرف وكرامة، ولم يؤْذِها ذاك الانحطاط
!


عجبتُ - يا أمي - أن يقول الفاروق: "كلُّ النَّاس أعلمُ من
عمر"!


ثمَّ نجِد أناسًا يتشدَّقون ويتبجَّحون بالعِلم، وبما
يحفظون من مفرداتٍ كثيرات ربَّما لا يعرِفون معانيَها، يصعِّرون
وجوهَهم وخدودَهم، ويُشيحون بأيديهم، ويمشون في الأرْض مرحًا وتعاليًا،
مع أنَّ الله لا يحب كلَّ مختال فخور، وعجبتُ لمن نسُوا مع العلم
لغَتَهم، فاحتاجوا إلى مَن يترجِمُها
لهم!


لو علموا العِلْم الحقَّ،
لكانوا أكثر النَّاس تواضعًا - كما كان عمر - ولكانوا أكثر العباد
خشية؛ كما قال ربُّهم:


{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ
مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء
}


ولما ازدادوا
غرورًا.




عجبا يا أمي 615703


وللموضوع بقية إن شاء
الله
ماما هنا
ماما هنا
مدير عام المنتدى

انثى عدد المساهمات : 4724
نقاط : 29230
تاريخ التسجيل : 07/06/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى